التضخم Inflation هي واحدة من أكثر مصطلحات علم الاقتصاد شيوعًا، فلا بد وأنك سمعت مؤخرًا بمصطلح التضخم، ولا سيما بعد ما تعرضت له الكثير من دول العالم ولا سيما دول الشرق الأوسط لأزمات اقتصادية، حيث فقدت أغلب العملات قيمتها نتيجة ما يسمى بالتضخم.
لذا ما هو التضخم الاقتصادي Inflation؟ ولماذا يمثل العدو الأخطر لدول العالم؟ ما الذي يؤدي إلى حدوث التضخم؟ وكيف يمكن للحكومات المالية مواجهته؟
ما هو التضخم Inflation؟
بصفة عامة يشير مصطلح التضخم الاقتصادي Inflation إلى ارتفاع في معدل الأسعار بشكل كبير خلال فترة زمنية معينة، مما ينتج عنه غلاء في المعيشة وتدهور الوضع الاقتصادي للبلد. أي بمعنى آخر تفقد عملة هذا البلد قيمتها وبالتالي تنخفض القوة الشرائية لهذه العملة.
إقرا أيضاً: ما هي أهم مؤشرات التحليل الأساسي
وأهم مؤشرات التضخم الاقتصادي هي ارتفاع الأسعار بشكل كبير، بالإضافة إلى زيادة المعروض النقدي وارتفاع التكاليف ومستوى المعيشة بشكل عام، وقد تظهر هذه المؤشرات مجتمعة أو كل مؤشر على حدة.
غالبًا ما يُقاس التضخم الاقتصادي بمعدل التضخم وهو عبارة عن النسبة المئوية لتغير مؤشر الأسعار خلال عام، ولكن كيف يتم ذلك؟
قياس معدل التضخم Inflation
باعتبار أن الأسعار لا ترتفع جميعها بنفس المعدل، غالبًا ما يتم استخدام مؤشر أسعار المستهلك (CPI) لقياس معدل التضخم وهو المقياس الأكثر شيوعًا، ويتم ذلك من خلال قياس تكلفة مجموعة من العناصر الاستهلاكية التي يشتريها المستهلكون خلال فترة زمنية معينة بالنسبة إلى سنة المقياس، ومن ثم حساب النسبة المئوية للتغير في هذا المؤشر خلال الزمن المحدد وهذا ما يشير إلى تضخم أسعار المستهلك، وتلجأ الحكومات إلى الحصول على هذه البيانات من خلال إجراء استبيانات دورية وتتبع تغير أسعار هذه العناصر خلال الفترة المحددة.
على سبيل المثال: في حال كان الرقم القياسي لتكلفة المعيشة هو 200 والرقم القياسي المحسوب خلال زمن معين 210 فإن معدل التضخم هو 10% خلال هذه الفترة.
من ناحية أخرى، هناك مقاييس أخرى لمعدل التضخم، وهي التي تركز على اتجاهات التضخم الأساسية وليس فقط للسلع المستهلكة، ويتم حساب معدل التضخم من خلال معامل انكماش الناتج المحلي الإجمالي وهو يعطي نتيجة أشمل من مؤشر أسعار المستهلك. ويتم حسابه من خلال قياس تغير الناتج المحلي الإجمالي وفق تغير الأسعار، وهذا المقياس لا يقتصر فقط على السلع الاستهلاكية وإنما كل ما يتم إنتاجه داخل البلد. ولكن ما يؤخذ على هذا المقياس أنه يشمل عناصر غير استهلاكية لذا هو غير مناسب لحساب تكلفة المعيشة.
أسباب التضخم Inflation
زيادة المعروض النقدي
في أكثر الأحيان يعود السبب في نشوء حالة التضخم إلى تراخي السياسة النقدية للدولة، وهذا ما ينتج عنه طرح العملة بشكل كبير في السوق أكبر من حجم اقتصاد الدولة، وبالتالي تفقد العملة قيمتها، مما ينتج عنه ارتفاع الأسعار بالنسبة للمواطنين وانخفاض القوة الشرائية.
العرض والطلب في السوق
وهنا نقصد الضغوط على العرض والطلب قد تسبب حالة من التضخم في البلد، على سبيل المثال: من الضغوط على العرض هو الكوارث الطبيعية التي تسبب توقف الإنتاج، أو ارتفاع تكاليف المعروض هذا ما ينتج عنه قلة الطلب وبالتالي “تضخم العرض”، أما الضغوط على الطلب، كتطبيق سياسات نقدية توسعية، وانخفاض سعر الفائدة، هذا يسبب زيادة في الإنفاق والتي قد تتجاوز قدرة البلد على الإنتاج، وبالتالي يصبح هناك ضغط على الإنتاج وهذا ما يسمى “تضخم الطلب”، هنا تبرز الحاجة إلى خلق نوع من التوازن بين العرض والطلب لتفادي التضخم.
التوقعات
من الأسباب الرئيسية لحدوث التضخم هو توقعات المستهلكين، ففي حال كان هناك توقعات حول ارتفاع الأسعار يسارعون إلى زيادة الأسعار تلقائيًا كالأجور والعقود، وهذا ما يسهم في تحقيق التوقعات حتى ولو كانت غير صحيحة.
سعر الصرف
إن ارتفاع أسعار الصرف من أهم أسباب التضخم، ولا سيما عندما تعتمد صناعات بلد ما على الاستيراد من دول أجنبية، ويكون هناك ارتفاع في سعر الصرف لصالح العملة الأجنبية، مما ينتج عنه تضخم في تكلفة الإنتاج والذي ينعكس بدوره على سعر المواد المنتجة وارتفاعها.
الضرائب
من الأمور الأساسية في مستوى معيشة بلد ما هو مقدار الضرائب المفروضة، فكلما زادت الضرائب وارتفعت قيمتها نتج عن ذلك ارتفاع وزيادة مباشرة في الأسعار نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج مما يسبب حالة من التضخم في الدولة.
إقرا أيضاً: 3 استراتيجيات لتطبيق السياسة النقدي
مواجهة التضخم الاقتصادي Inflation
تعمد السياسات المالية والنقدية للدول إلى محاولة الحد من معدلات التضخم والعودة إلى حالة من الاستقرار الاقتصادي، حيث إن هناك عدة استراتيجيات لمواجهة مواجهة التضخم الاقتصادي، لعلّ أبرزها هو اعتماد السياسة النقدية الانكماشية أو التقليصية، حيث تلجأ البنوك المركزية إلى رفع سعر الفائدة، ومن ناحية أخرى، قد تلجأ بعض البنوك إلى تثبيت سعر صرف عملتها المحلية، أو اتباع سياسات الدعم المحلية.
بالإضافة إلى ذلك، تلعب السياسة المالية للدولة دورًا كبيرًا في مواجهة التضخم الاقتصادي، من خلال تحديد كيفية استخدام الإيرادات والفائض وموازنة الدولة، مما يقلل من حجم السيولة وبالتالي خفض معدلات التضخم.
ولكن الجدير بالذكر أنه في حال كانت هناك أزمات اقتصادية عالمية أدت إلى هذا التضخم فقد لا تنفع هذه الاستراتيجيات في السيطرة عليه. وهنا قد تلجأ الحكومات إلى الاستفادة من تأثير التوقعات على نفسية المستهلكين والسوق، حيث تستخدم التوقعات كأداة لخفض معدلات التضخم الاقتصادي، من خلال إعلانات السيطرة على النشاط الاقتصادي وعدم رفع الأسعار بشكل مباشر.
آثار التضخم الاقتصادي Inflation
كما سبق وذكرنا التضخم Inflation هو انخفاض القوة الشرائية للعملة المحلية للدولة، مما يعني إمكانية الحصول على كمية أقل من الخدمات والسلع، وهذا بدوره ينعكس على قطاعات مختلفة في اقتصاد البلاد.
لكن هناك قطاعات تتأثر بشكل سلبي بينما أخرى تتأثر بشكل إيجابي، كأولئك الذين يمتلكون أصولًا مالية كالأسهم مثلًا، حيث يستفيدون من ارتفاع قيمة ممتلكاتهم نتيجة انخفاض قيمة العملة المحلية.
كذلك الذين لديهم ديون سيتأثرون إيجابًا من خلال انخفاض معدل الفائدة الحقيقي، حيث كلما زاد معدل التضخم انخفضت قيمة الفائدة الحقيقية وبالتالي المقرض وغالبًا البنوك سيتأثرون بشكل سلبي، وهذا ما يدفعها في كثير من الأحيان إلى تضمين شروط الإقراض ضمانات لمواجهة التضخم، إما بفرض علاوة مخاطر التضخم أو أن تكون قيمة الفائدة قابلة للتعديل وفق مجريات الوضع الاقتصادي.
كانت هذه أبرز المعلومات حول التضخم الاقتصادي العالمي Inflation، أسبابه، استراتيجيات مواجهته والسيطرة عليه، حيث نرى أنه من المهم للوصول إلى الاستقرار الاقتصادي العالمي هو وجود سياسات نقدية ومالية عالمية مدروسة تسيطر على المعروض النقدي، فضلًا عن وجود استراتيجيات واضحة وفعّالة لمواجهة حالات التضخم Inflation.