الدببة Bears ، شهد العالم الرقمي في الآونة الأخيرة نموً كبيرًا وتسارعًا ملفتًا في التداول والاستثمار، مما جعل مجال المنافسة كبير جدًا، ويتطلب خبرة ومهارة في التداول، من ناحية أخرى، فإن هذا المجال ينطوي على العديد المصطلحات والأدوات التي يحتاج المتداول إلى الدراية بها وطريقة استخدامها ليتمكن من تحقيق صفقات استثمارية مربحة.
وفي حال كنت متداولًا أو مستثمرًًا في مجال العملات الرقمية، وتتابع حركة أسعار البيتكوين والعملات المشفرة بشكل دائم، فإنه من أكثر المصطلحات التي يتكرر استخدامها في مجال سوق العملات الرقمية هو صراع سوق الدببة والثيران Bears and Bull Market ، لكن لماذا يتم استخدام هذين المصطلحين؟ وما هي سوق الدببة؟ ولماذا تم اختيار الدب لوصف السوق الهابطة؟ هذا ما سنتناوله بشيء من التفصيل في الأسطر التالية.
ما هي سوق الدببة Bears ؟
في البداية لا بد وأن نتعرف على مفهوم سوق الدببة Bears Market والتي تُعرف أيضًا بالسوق الهابطة، والتي عادةّ ما تشير إلى تلك المدة الزمنية التي تشهد انخفاضًا ملحوظًا في أسعار البورصة وقيم العملات الرقمية، وغيرها من الأصول الرقمية المتداولة، وغالبًا ما تترافق فترة سوق الدب Bear بمزيج من مشاعر الإحباط والتشاؤم نتيجة عدم الاستقرار الاقتصادي والذي يؤثر بشكل كبير على استثمارات العملاء.
إقرا أيضاً: ما هو مفهوم الثران Bulls
وحتى نطلق على السوق المالية أو البورصة اسم سوق الدببة، فحسب ما تشير إليه المنصات والمواقع المالية، أنه عندما تنخفض السوق بنسبة 20% أو أكثر فإنها تعتبر سوق هابطة “سوق الدب Bear Market”.
والجدير بالذكر أن سوق الدببة كثيرًا ما تظهر عند توفر عدة عوامل، أهمها: ركود سوق الأوراق المالية، التنازع والتقلب السياسي، الأزمات الصحية أو انتشار البطالة.
لماذا استخدم مصطلح الدب Bear ؟
يعود استخدام مصطلح الدب Bear للإشارة إلى حالة الهبوط إلى القرن الثامن عشر، حيث تقول الأسطورة أن بائعوا جلود الدببة كانوا يلجؤون إلى بيع جلودهم قبل أن يعمدوا إلى شراء جلود جديدة، آملين أن يؤدي ذلك إلى انخفاض سعر وتكلفة بيع الجلود، حيث أُطلق على هؤلاء التجار اسم “تجار جلد الدب” ومن ثم اُختصر إلى “الدب Bear”.
تحليل مراحل سوق الدببة
يمر المستثمرون خلال سوق الدببة بعدة مراحل تنطوي على كثير من المشاعر المتناقضة، حيث تنقسم هذه المراحل إلى ما يلي:
- مرحلة أولية: بعد فترة جيدة في الأسعار المرتفعة واستقرار السوق، تبدأ السوق بالهبوط وتمر بداية بالمرحلة الأولية، هنا يحافظ المستثمرون على مشاعر التفاؤل بشأن عودة الأسعار من جديد وتعافيها بشكل سريع، ويتجهون نحو شراء أصول بأسعار منخفضة وزيادة مقتنياتهم.
- المرحلة المبكرة: في هذه المرحلة تشهد السوق هبوطًا مستمرًا يتخلله بعض فترات التعافي، وهذا ما يجعل المستثمرين يحافظون أيضًا على مشاعر التفاؤل بشأن التعافي من جديد.
- المرحلة الكاملة: تتميز هذه المرحلة بانخفاض السوق بشكل كبير، وتكون حركات التعافي قليلة جدًا، وهنا ينتقل المستثمرون من مرحلة الإنكار إلى البدء بتفريغ أصولهم الرقمية، وبيعها بشكل متسارع، والأمر السيء في هذه المرحلة أن السوق يتأثر بشكل كبير بكل ما ينتشر من أخبار سلبية تزيد خوف وقلق المستثمرين.
- المرحلة المتأخرة من السوق الهابطة: في هذه المرحلة تكون وصلت السوق وأسعار البورصة إلى القاع، وهنا يزداد الطلب على الشراء بسبب وصول الأسعار إلى مستويات جذابة بالنسبة للبعض، حيث يزداد عدد المشترين بينما لم يتبق سوى القليل من البائعين.
صراع سوق الدببة والثيران Bulls and Bears Market
من الناحية المقابلة لسوق الدببة، هناك سوق الثيران Bulls Market التي تشير إلى السوق الصاعدة، تترافق سوق الثيران بمشاعر التفاؤل والإيجابية والثقة، مما يشجع المستثمرين على الاستثمار أكثر فأكثر، ويؤدي ذلك إلى ارتفاع الأسعار.
إقرا أيضاً: الماركت اوردر.. 3 إيجابيات و3 سلبيات ماهي
يذكر خبراء السوق المالية أنه بين عامي 1929 و2014، كان هناك 25 سوقًا صاعدًا “سوق ثيران” و 25 سوقًا هابطة “سوق دببة” في الولايات المتحدة. كان متوسط خسارة السوق الهابطة -35٪ ، بينما كان متوسط مكاسب السوق الصاعدة + 104٪ تقريبًا، تعكس هذه الاتجاهات كيف يحافظ زخم السوق على الزيادات المستمرة في الأسعار (في الأسواق الصاعدة) وتقل (في الأسواق الهابطة).
بصفة عامة إن سوق تداول العملات الرقمية هي عبارة عن تناوب بين الأسواق الصاعدة “أسواق الثيران” والأسواق الهابطة “أسواق الدببة”. والجدير بالذكر أنه عندما تكون السوق هابطة ففي حال حدوث ارتفاع في أسعار العملات الرقمية، وكان هذه الارتفاع لمدة قصيرة فهذا لا يمثل انتقالًا من السوق الهابطة إلى الصاعدة، والعكس صحيح فليس الانخفاض لمدة قصيرة في الأسعار يعبر عن تحول للسوق الرقمية إلى سوق هابطة.
أمثلة على سوق الدببة
شهدت سوق العملات الرقمية سوقًا هابطة عدة مرات خلال عقد من الزمن، وفيما يلي نذكر فترات سوق الدببة وأسبابها:
-
سوق دببة 2014/ 2015
بدأت أول سوق دببة في مجال العملات الرقمية بشكل موسع في أواخر 2013، بعد أن كانت هناك حركة صعودية جنونية دفعت سعر البيتكوين من 200 دولار أمريكي إلى مستوى مرتفع قياسي يبلغ 1،236 دولارًا. ولكن في أواخر 2013 بدأت تشهد السوق المالية تقلبات وانخفاض حاد في الأسعار، واستمرت هذه الحالة الهبوطية لمدة عامين، ترافق ذلك مع انخفاض في القيمة السوقية حول العالم من 15 مليار دولار أمريكي إلى 3.5 مليار دولار تقريبًا في أدنى مستوى لها في أوائل 2015، وفيما بعد استغرق الأمر حوالي العام حتى تعافى السوق وعادت الأسعار من جديد إلى الارتفاع.
-
شتاء التشفير 2018
بعد فترة طويلة من الاستقرار في قيم العملات الرقمية، بدأت فترة انخفاض جديدة في أوائل 2018، حيث بلغت قيمة عملة البيتكوين Bitcoin في نهاية العام 3200 دولار، مع انخفاض قيمتها السوقية قرابة 100 مليار دولارًا أمريكيًا. ويعود السبب في ذلك إلى لجوء السلطة الأمريكية إلى مقاضاة مشاريع كبرى أجرت عروض مالية مزعومة.
وينعكس هذا أيضًا في وسائل الإعلام السائدة، ففي عام 2017، كانت وسائل الإعلام تشيد بسعر البيتكوين Bitcoin والعملات المشفرة، وفي عام 2018 كنت تقرأ بشكل أساسي آراء المستثمرين الذين فقدوا الثقة في سعر البيتكوين، حيث انخفض سعر البيتكوين من ستة عشر ألف يورو في نهاية عام 2017 إلى حوالي ثلاثة آلاف يورو في نهاية عام 2018.
-
سوق الدببة 2022
الأمر المختلف هذه المرة، حيث ترتبط سوق الدببة بعوامل عدة: كارتباط العملات الرقمية بالأسواق المالية التقليدية، والظروف السياسية الراهنة، فضلًا عن الأزمة الصحية المتعلقة بوباء كورونا، هذا غير العوامل الطبيعية التي أدت إلى هذا الانخفاض انهيار عملة لونا Luna.
وبذلك، وبعد أن عرضنا أبرز المعلومات حول سوق الدببة Bears Market، وصراع الدببة والثيران Bears and Bulls، وما هي مراحل سوق الدببة، والأمثلة عليها في العقد الحالي، نجد أن الاستثمار والتداول في مجال العملات الرقمية على قدر ما يحمل من أرباح ومشاعر إيجابية متمثلًا بسوق الثيران خلال عملية التداول ونتائجها، فإن هناك جانب آخر محفوف بالمخاطر وينطوي على كثير من التشاؤم والمشاعر السلبية والقلق متمثلًا بسوق الدببة.