إدارة المخاطر المالية.. 4 أنواع ضرورية يجب دراستها قبل أي استراتيجية

مع التزايد الكبير للاستثمارات المالية تزداد المخاطر المالية ولا سيما في مجال العملات الرقمية والتشفير، والأرباح التي تعود بها على المستثمرين، لا بد وأن تزداد المخاطر المرافقة لهذه الاستثمارات، وهنا تبرز الحاجة لعملية إدارة المخاطر المالية والإحاطة بها لنتمكن من اتخاذ قرارات مناسبة متوافقة معها، بحيث لا تتعرض هذه الاستثمارات لأي مخاطر محتملة. وتحتاج هذه العملية للعديد من الأدوات المالية التي تمكننا من تتبع المخاطر المحتملة وكشفها والتعامل معها.

وفيما يلي سنتناول موضوع المخاطر المالية وإدارتها بشيء من التفصيل، حيث نعرض مفهوم إدارة المخاطر المالية، أنواع هذه المخاطر، وكيفية التخفيف من حدتها.

ماذا يعني مصطلح إدارة المخاطر المالية ؟

كل استثمار نقوم به لا بد وأنه ينطوي على مخاطر عدة، فليس هناك ربح دون مخاطرة، لكن معنى المخاطرة له جانبين، إيجابي وسلبي، فقد يحقق في النهاية ربح أو خسارة. حيث إنّ المخاطرة هي انحراف عن الهدف المتوقع، في حين أن إدارة المخاطر تشير إلى العملية التي يتم بها تقييم النتائج المتوقعة، وتحليل المكاسب والخسائر المحتملة، واتخاذ قرار بشأن الإجراء الذي يجب اتخاذه (أو عدم اتخاذه) في ضوء الاستنتاجات من التقييم.

إقرا أيضاً: 8 نصائح لمستثمرين العملات الرقمية تغيّر نظرتك للأفضل

وبالنسبة للمستثمرين في مجال العملات الرقمية والتشفير تحديدًا، يشير مصطلح إدارة المخاطر المالية إلى إدارة ودراسة المخاطر المحتملة المتعلقة بالأصول المختلفة، العملات المشفرة، السلع، تداول الفوركس، المؤشرات والأسهم.

ما أهمية إدارة المخاطر المالية ؟

قد يعتقد الغالبية أن المخاطر المالية تتعلق فقط بالرؤساء التنفيذيين والمستثمرين رفيعي المستوى، ولكن هذا غير صحيح فهي تؤثر على المجتمع بشكل أجمع، لذا من الضروري فهم كيفية تأثيرها على الجميع. إن السكان لبلد ما مترابطين مع بعضهم بنظام مالي واحد، أي قرار مالي سيء من شأنه أن يؤدي إلى تدهور الوضع الاقتصادي، وبالتالي سوق غير آمنة، وبذلك فإن مخاطرة مالية بنتيجة سلبية من شأنها أن تؤثر على استقرار الاقتصاد ومعيشة السكان.

مثال على ذلك، عانت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2007 من حالة ركود، ناتجة عن تزايد عدد السكان وانخفاض أسعار الفائدة، وهذا دفع المستثمرون إلى تقديم قروض سكنية للأفراد الذين لا يملكون ائتمانًا كافيًا. ولكن عدم قدرتهم على دفع مثل هذه القروض أدى إلى انهيار العقارات، مما تسبب في انهيار اقتصادي، وهو أحد أسوأ ما شهدته البلاد (والعالم).

والأمر ذاتهُ ينطبق على مجال العملات الرقمية، حيث إن اختيار استراتيجية تداول خاطئة، أو فشل عملية التداول، من شأنهُ أن يؤدي إلى خسارة المتداول وفقدانهُ أمواله. وذلك نتيجة عدم الحسبان لتقلبات السوق والأسعار، أو اتباع المتداول لمشاعره ولجوئه إلى البيع خوفًا من انهيار السوق. وهنا تبرز أهمية إدارة المخاطر المالية من خلال وضع استراتيجية تتضمن أدوات التداول التي تساعد المتداول والمستثمر على الاستعداد لمثل هذه المواقف والتعامل معها.

أنواع المخاطر المالية

هناك عدة أنواع للمخاطر المالية التي يجب على مسؤولي التمويل دراستها وحسابها قبل وضع استراتيجيات الاستثمار، منها:

المخاطر التشغيلية

المخاطر التشغيلية بشكل عام هي المخاطر الناتجة عن فشل نظام العمل أو العمليات المرافقة أو عدم كفاية عدد الموظفين أو كفاءتهم، فضلًا عن الظروف الخارجية التي تؤثر على سير العمل، ويكون تأثيرها مباشر أو غير مباشر. وتحت هذا النوع من المخاطر تندرج المخاطر الأخرى: كالمخاطر الأمنية، القانونية، البيئية، المادية، ومخاطر الاحتيال.

والجدير بالذكر أن هذا النوع من المخاطر لا يمكن تجاهله أو التخلص منه نهائيًا، فلا بد من تغيير جذري. وعند التفكير في كيفية إدارة المخاطر التشغيلية فإن أفضل المقترحات هي أن نضع في الحسبان تكاليف التحسينات والتطويرات التي من المتوقع اقتراحها.

وفيما يخص العملات الرقمية، يمكن اللجوء إلى تنويع أصول المحفظة الإلكترونية بحيث لا تُفقد الأموال في حال تعرض أحد هذه الأصول لأي خطر.

مخاطر صرف العملات الأجنبية

غالبًا ما يتم بناء أي مشروع استثماري وفقًا للعملة المحلية التي تعود للعمل التجاري، وهذا ما ينجم عنه مخاطر عند إجراء معاملات مالية بغير هذه العملة، هنا ستقع ضحية تقلبات أسعار السوق والعملات. وعادة يعرف هذا النوع من المخاطر بمخاطر أسعار الصرف أو مخاطر العملة.

إقرا أيضاً: العقود الذكية.. 7 فوائد هامة عليك معرفتها

يندرج تحت هذه المخاطر مخاطر اقتصادية ناجمة عن تأثر قيمة منتجات أو القيمة السوقية للعملة أو العملة الرقمية بسبب تقلب أسعار الصرف، وهذا كثير الحدوث مع شركات الاستيراد والتصدير نتيجة استخدامها للنقد الأجنبي.

أما بالنسبة للعملات الرقمية، فيمكن اللجوء إلى استخدام إحدى استراتيجيات التداول للتخفيف من أثر هذا الخطر، كاستراتيجية وقف الخسارة، حيث يتم إغلاق التداول في حال انخفض السعر أقل من حد معين يتم تحديده من قبل المتداول.

المخاطر التأمينية

تنجم هذه المخاطر عن تأخر سداد الديون أو ارتفاع أسعار الفائدة، أو زيادة تكاليف التحصيل، هذا ما يجب وضعه في الحسبان عند التفكير في مخاطر الائتمان، حيث يستخدم المحللون الماليون فروق العائد كوسيلة لتحديد مستويات مخاطر الائتمان في السوق.

ومن أفضل وسائل إدارة المخاطر الائتمانية، إجراء فحص ائتماني لعميل أو مقترض محتمل، ومن الوسائل الأخرى هي شراء التأمين أو الاحتفاظ بالأصول كضمان أو ضمان الدين من قبل طرف ثالث، في حين أن الشركات تستخدم وسائل أخرى للتخفيف من مخاطر الائتمان الناشئة عن عدم دفع مستحقات العميل، هي طلب مدفوعات مسبقة أو الدفع عند التسليم قبل تسليم البضائع أو عدم تقديم أي خطوط ائتمان حتى يتم إنشاء علاقة ثقة.

وفي عالم التشفير، يمكننا مواجهة هذا النوع من المخاطر من خلال اختيار منصة تداول موثوقة للتداول والاستثمار من خلالها، وهنا لا حاجة لإنشاء علاقة ثقة بين البائع والمشتري، فالمنصة هي التي تحفظ حقوق كل منهما.

مخاطر السمعة

ويُقصد بها فقدان رأس المال الاجتماعي، أي ثقة الناس بسبب الإضرار بسمعة المشروع، من الصعب دراسة هذا النوع من المخاطر، ولكن يمكن تجنبه من خلال إجراءات الائتمان الخاصة بالمشروع ودرجة الموثوقية والمصداقية الخاصة بها.

التحقيقات الجنائية في مشروع أو مديريه التنفيذيين رفيعي المستوى، أو انتهاكات الأخلاق، أو الافتقار إلى سياسات الاستدامة أو القضايا المتعلقة بسلامة وأمن أي منتج أو عميل أو موظفين، كلها أمثلة على ما يمكن أن يضر بسمعة المشروع.

والجدير بالذكر أن لوسائل التواصل الاجتماعي والإعلام دور كبير في تضخيم هذا النواع من المخاطر أو تخفيفه، فالعديد من الشركات تخسر رأس مالها بس تعرضها لمقاطعات نتيجة السمعة السيئة، وبذلك فإن معظم الشركات تخصص ميزانية مالية لإدارة سمعتها بشكل جيد.

بعد عرض المخاطر المالية المحتملة، ووسائل إدارتها، نجد أنه من الصعب على أي مشروع استثماري تجاري كان أم رقمي أن يحسب جميع هذه المخاطر ويحد منها، يمكنه التخفيف من حدتها، وهذا ما يبرر التزايد على طلب المتخصصين في مجال إدارة المخاطر المالية، للمساعدة في اتخاذ القرارات المناسبة واختيار الطرق والاستراتيجيات المناسبة للسيطرة على الموقف والمخاطر.